نتائج مباحثات موسكو بين الروس والأتراك وإنعكاساتها على الإدارة الذاتية في الشمال السوري

آدمن الموقع
0


قراءة سياسية/ إبراهيم كابان 

- وحدات حماية الشعب الكردية أستطاعت أن تخلط جميع الاوراق في منبج، وتركيا لن تستطيع تنفيذ أية عملية بعد توريط الأمريكيين للاتراك في مناقصة منبج .. 
- إجتماعات موسكو حجمت التدخلات التركية في سوريا، وعصا موسكو الغليظة كافية لإيقاف الجعجعة التركية ..

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: " لقد أنهينا اجتماعاً مفيداً للهيئات المشتركة، و وزيري الخارجية ووزيري الدفاع وقادة الأجهزة الأمنية، وتم بحث الخطوات المقبلة لتنفيذ المهمات، التي تم وضعها في صيغة آستانة، في المقام الأول في سياق محاربة الإرهاب، وتسوية المسائل الإنسانية، وتوفير ظروف لعودة اللاجئين"، وأضاف " أن الجانبين ركزا على الوضع في سورية، والوضع القائم بعد انسحاب القوات الأميركية، وأنه تم التوصل الى تفاهم حول كيفية تنسيق الخطوات بين الممثلين العسكريين لروسيا وتركيا على الأرض في الظروف الجديدة، مع السعي الى دحر التهديد الإرهابي نهائياً في سورية ".
كما أعرب لافروف عن أمله بألا يعطل الغرب جهود ثلاثي آستانة المستقبلية لاستكمال العمل في شأن إنشاء لجنة دستورية في أقرب وقت ممكن»، مؤكداً في الوقت نفسه "أن ضامني آستانة سيواصلون العمل المكثف من أجل بدء عمل اللجنة مع المبعوث الأممي الجديد غير بيدرسون"؟
بينما قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو: " إن أنقرة وموسكو متفقتان على ضرورة القضاء الكامل على جميع التنظيمات الإرهابية في سورية»، مشدداً على أن أنقرة تواصل التعاون الوثيق مع موسكو وطهران حول سورية في شأن القضايا الإقليمية، وزاد: «باعتبارنا ضامنين لمسار آستانة، فإننا ندافع عن وحدة تراب سورية وكيانها السياسي، ونعارض جميع الجهود التي من شأنها الإخلال بهما».
وحول شرق الفرات أكد مصادر مقرب " إلتزام الطرفين في ختام اللقاء على إحترام وحدة وسيادة سورية بتوافق صارم مع القرار 2254 ، مما يتضح طبيعة التحركات التركية المقبلة وتهديداتها لروجآفا – شمال سوريا " رهناً للتفاهمات بين روسيا وتركيا من خلال التفاوض، ورسم الخطوط التي سيلتزم بها تركيا وفق المصالح الروسية . 
فيما أضاف وزير الخارجية التركي داوود أوغلو: " إن عودة الشمال السوري إلى سيطرة دمشق أمر مقبول بالنسبة للجانب التركي، ولكن بعد الاتفاق حول الدستور الجديد، ونظام الحكم، في ظل وجود توافق بين موسكو وأنقرة على مركزية دمشق، لكن ضمن صيغة جديدة تضمن مشاركة الجميع".

تحليل 

أستطاعت وحدات حماية الشعب الكردية خلط الأوراق حول مصير منطقة منبج، بعد طلبها من الحكومة السورية للقيام بواجباتها في حماية حدود البلاد من التهديدات التركية، وهو ما دفعت بجميع الأطراف المتنازعة وفي مقدمتها تركيا والولايات المتحدة الأمريكية في إعادة حساباتها، بعد أن ضمنت تركيا شبه موافقة أمريكية لغزو منبج ( وإن كان ذلك نتيجة لقرار الرئيس الأمريكي في إنسحاب قواتها من سوريا، وترك حلفائها في مواجهة حرب محتملة مع الأطماع التركية في تدمير كل ما تم بنائه من إدارة، وقوة عسكرية، وأمن، وأمان في الشمال السوري). منبج التي باتت مركزاً للصراع بين جميع الأطراف الضالعة في تقسيم الكعكة السورية، دفعت بالقوى المتصارعة إلى إعادة ترتيب حساباتها مجدداً حتى لا تتسبب بصدامات كبرى، وخاصة إن التدخل الروسي بدفع الحكومة السورية إلى إرسال بعض القوى العسكرية إلى محيط المنطقة بعد التحضيرات التركية وحشد مجموعاتها المسلحة من السوريين حول المنطقة، إلى القوات الأمريكية التي لا تزال تتمركز في مواقعها داخل المدينة وفي بعض النقاط مع التحالف الدولي، وصولاً لسيطرة مجلس منبج العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية حتى اللحظة على المنطقة ككل. لنفهم من ذلك إن الوعود الأمريكية للأتراك لم تكن حقيقة بعد إعلان الإنسحاب حتى تقع روسيا في إشكالية الصدام مع الأتراك بعد دعوة الوحدات الكردية للحكومة السورية في القيام بواجباتها. ليتضح المشهد أكثر مع النفي الأمريكي لإنتشار قوات النظام السوري، والإرتباك الذي حصل للمسؤولين الأتراك وإجبارهم في إعادة رسم ترتيبات جديدة من شأنها إلغاء العملية العسكرية.
الواضح إن الوحدات الكردية أرادت أن تضرب هذه القوى المتسارعة حول منبج ببعضها كنوع من ردة فعل على القرارات الأمريكية، والتقارب الروسي التركي، ليحرج بذلك جميع هذه القوى حول منبج ودفعها إلى زيادة الإحتقان والتصارع فيما بينها خارج منبج. وإن كانت المحادثات التي أجريت بين الأتراك والروس حول الأحداث المستجدة، والتي بموجبها ستعود المجموعات العنصرية والمتطرفة التي تستخدمها تركيا إلى قواعدها في المناطق التي تحتلها من الشمال السوري ( إدلب – عفرين – جرابلس – إعزاز - الباب )، ليتم إستخدامهم فيما بعد بعمليات جديدة ضد الكرد في سوريا، ودفعهم إلى طلب تدخل الحكومة السورية لحماية الحدود، وبذلك تضمن تركيا عودة النظام السوري إلى كافة مناطق الحدود، وقضائها على الإدارة الذاتية كسلطة تسيطر على منطقة جغرافية من سوريا. 
وقد تفضي الضغوطات التركية إلى قبول عودة النظام السوري إلى كافة مناطق الإدارة الذاتية مقابل تخفيف روسيا ضغوطاتها في إدلب، وبذلك تتخلص من الإدارة الذاتية كحالة قائمة بذاتها، وتحصل على مزيداً من الوقت في أستمرارية أحتلالها غربي الفرات.
وهذا ما لا يمكن توقعه بشكل متكامل لأن تدويل مسألة خطورة التهديدات التركية على الوجود الكردي كقومية ستدفع بالتحالف الدولي إلى التحرك بمنحى جديد لحمايتهم سياسياً مقابل بسط السيطرة الروسية على كافة الشرق الفرات بإتفاق مع الأطراف الفاعلة وفي مقدمتها الإدارة الذاتية. 

بينما ضبطت محادثات موسكو التصرع التركي وعصبيات رئيسها أردوغان الذي ظل يستعرض عضلاته في سعيه الحثيث لتدمير المنطقة الكردية ككل بعد إحتلال عفرين، وتنفيذه للتغيير الديمغرافي لصالح المعارضة المسلحة العربية والتركمانية على حساب سكان المنطقة الأصليين (الكرد) وصولاً إلى تهجير أنكثر من 300 قرية كردية بين جرابلس وإعزاز والباب. ووفق ما صرح به المسؤوليين الروس إنه تم إعادة تفعيل الإتفاق ضمن مسار آستانة للوصول إلى تسوية سياسية، وعدم السماح للجيش التركي في الإصطدام مع قوات الحكومة السورية التي تحاول موسكو بإتفاق مع الإدارة الذاتية في الشمال والشرق السوري في إجاد حل يرضي الطرفين الكردي والنظام. 
وبذلك تم ضبط المجموعات المسلحة حينما يتدخل قوات النظام السوري، لأن هذه المجموعات (المرتزقة) لا تستطيع فتح جبهات ضد قوات النظام السوري بعد أن ولفتها الاستخبارات التركية وفق مصالح الأمن القومي التركي بعيداً عن أي إرتباط بينها وبين الثورة السورية. هذه المجموعات الإجرامية التي تنتظر على مشارف منبج الضوء الأخضر التركي، وتهدد بتصفية أبناء الشعب الكردي وفق ما تسربت من فيديوهات هذه العناصر والمجموعات، إلا أن الضمانات التي تحاول روسيا تطبيقها مع شريكتها تركيا تندرج وفق المصالح الروسية والتي باتت تركيا جزءً منها وإن كان على المستوى التكتيكي بعد التحركات الأمريكية الأخيرة في جذب الأتراك على حساب الكرد.

30.12.2018

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!