أرمينيا وأذربيجان على رأس المدفع المصالح الدولية " وعين أردوغان على أنابيب الغاز في قره باغ "

آدمن الموقع 12:37:00 م 10:49:03 ص
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال:
-A A +A
بقلم: شريف إبراهيم 
خاص/ شبكة الجيوستراتيجي للدراسات

برغم أن دولة أذربيجان موقعها الاستراتيجي محيطة بإيران وبالبحر القزوين وتمر عبرها خطوط الغاز الطبيعي، والسكة الحديد الحريرية الصينية، إلا أنها لا تملك الأقتصاد الكافي مقارنة بجوارها ومقدراتها، وهي دولة نامية ليس لديها إمكانيات تساعدها في الدخول إلى المعارك والمواجهات الطاحنة مع دولة مثل أرمينية تقف خلفها روسيا وإيران، وبالنسبة لها هذه الحرب مصيرية تتعلق بمستقبلها وبقائها. بالاضافة إلى  ذلك لن تدخل تركيا في هذه الحرب المعقدة التي تدخلها الدول الكبرى وفي مقدمتهم روسيا التي لها مصالح استراتيجية في تلك المنطقة.
ولمعرفة الابعاد الجيوسياسية للصراع وأهمية إقليم كاراباغ، وأسباب عودة المواجهات، وتقديم صورة عن سكان هذه المنطقة الحيوية، ولماذا تحارب أذربيجان لتسيطر على هذا الإقليم؟ سوف نتدرج إلى تحليل بعض جوانبها:
هذه المنطقة التي تسمى في آذربيجان وأرمينيا بـ 
(قيزيل كردستان) 
جمهورية كردستان الحمراء، كان سكان من الكرد الذين حصلواعلى الحكم الذاتي في بداية عهد فلاديمير لينين بتاريخ 7 تموز/يوليو من عام 1923، وانتهت بشكل تراجيدي في الثامن من نيسان/أبريل عام 1929. حيث كانت عاصمتها لاجين وتضم مدن كلباجار وقوبادلي والتي تقع اليوم داخل منطقة ناكورو قرا باغ التي يسيطر عليها الأرمن منذ 1992، يغلب على الإقليم الطبيعة الجبلية كما توجد بعض الأنهار التي يستخدم ماءها في إنتاج الكهرباء والري. وهو إقليم فقير في موارده، ويعتمد النشاط الاقتصادي فيه على الزراعة وتربية الماشية وبعض الصناعات الغذائية، ويعرف أيضاً من المحاصيل المشهورة للسكان " زراعة الحبوب والقطن والتبغ).
تعود منطقة كاراباخ إلى كردوخ، حيث كان يقطنه الشعب الكردي الإيزيدي، ووفق التقديرات الرسمية يشكل 72% من سكانها أي 37120 نسمة، ولكن تدخل ستالين وطبيعة القمع السوفيتي المستمر ضد الأقليات في القفقاس آنذاك أدى إلى اضمحلال الوجود الكردي عبر سياسات التتريك الآذرية والتهجير السوفياتية التي اتبعها ستالين الجورجي. حيث هجر الآلاف من الكرد من أذربيجان وأرمينيا وجورجيا إلى قفارا كازاخستان وسيبيريا ليلاقوا هناك الموت المحتم بدعوى مساندة الهجوم النازي، وشمل هذا التهجير أغلبية الأقليات والقوميات الصغيرة في القوقاز من شيشان وابخاز وأكراد وداغستانيين بين سنة 1935-1944. قليلون هم من عاد من الكرد إلى ديارهم. وبعد إزالة كردستان الأحمر على يد ستالين وزعت الأراضي الكردية بين أرمينية وأذربيجان ولم تبقى لكرد سوى ذكرى مؤلمة والمعاناة في قيزيل كردستان(كردستان الحمراء ) 
أما الآن تعتبر إقليم كاراباخ نقطة مهما بنسبة لتركيا كونها ستستفيد من الأنابيب الغاز والسكة الحديدية الحريرية، وتعتبر كاراباغ أرضاً تاريخياً لها، وأيضا بنسبة لإسرائيل تعتبر موقعاً استراتيجياً على البحر القزوين وهي نقطة مهمة وحساسة وفرصة تاريخية لم تأتي في أي وقتاً آخر ، لأنها ستحاصر إيران من ثلاثة اتجاهات بعد علاقة السلام مع العديد من الدول العربية، هنا نستطيع القول بأن هذا الحرب ليس حرب أرمينية وأذربيجانية، النزاع اليوم تجاوز الدولتين الجارتين، ليصبح صراع نفوذ وحربا بالوكالة بين قوى مختلفة في تلك المنطقة منها الولايات المتحدة الأمريكية والروسية وبين تركيا وإسرائيل وإيران، أما الخاسر الوحيد في هذا المعركة هم اَلْمَدَنِيِّين الكرد الذين يقطنون في منطقة قيزيل كردستان (كاراباخ )، تبدأ جذور الصراع في الحقبة السوفيتية في عشرينيات القرن الماضي حين قام ستالين بتطبيق سياسته في التفريق بين الاثنيات وإشعال نار العداء بينها وتفتيت قواها، فقد تعمدت السلطة السوفيتية في عام 1923 ضم الأقلية الأرمينية بدلا من الكرد (سكان كاراباخ_ كردستان الحمراء ) وبحدود إدارية تُرسم لتجعل كل ما يحيط بها أذربيجانيا رغم رغبة السكان في التبعية الأرمنية، وفي المقابل تظل الأقلية الأذربيجانية وقسم صغير من الكرد في إقليم ناختشيفان معزولة داخل جمهورية أرمينيا.
تم في مايو 1930 إنشاء وحدة إدارية سميت كردستان وشملت بعض المناطق الجديدة منها زنكلان وجبرايل ولكن الفشل كان بالمرصاد نتيجة معارضة وزير الشؤون الخارجية للدولة السوفيتية لأي تحرك كردي قد يؤدي بالضرر على كل من الجارة تركيا وإيران ومنع لأي تحرك سياسي كردي على حدود الدولتين حيث كانت ثورة أغري الكردية بقيادة إحسان نوري الباشا مستعرة في جبال جبل أرارات ضد تركيا وإيران، هذا كانت مخطط خبيث من ستالين وتركَ خلفه قنبلة موقوتة لاشتهاء تركيا وإيران في المنطقة .
ما دور تركيا في الصراع بين أذربيجان وأرمينية؟ 
لنعود إلى الأشهر القليلة الماضية سنعرف ما دور تركيا في هذا الطبخة وماذا حدث في البحر المتوسط وفي ليبيا واليونان بتحديد؟! تدخلات عسكرية تركيا في شؤون الدول العربية وهي بضوء أخضر من حلفائها الغرب لمواجهة روسيا في شرق الأوسط ولكن أخطأت تركيا في حساباتها واتجهت بصوب اليونان وهي حليفة في الناتو، وكما شاهدنا وقفت جميع الدول الأوروبا والغربية مع اليونان ضد تركيا كون اليونان أقرب بنسبة لدول الأوروبا والغربية من تركيا، بعد تدخلات خارجية أمريكية والدول الأوربية، تراجعت تركيا عن حربها مع اليونان وسحبت السفن التنقيب من البحر المتوسط وبدأت تتحرك بصوب أذربيجان لفتح ملف إقليم كاراباغ مع أرمينية، ودعمت أذربيجان بكل الوسائل الإعلامية والمعدات العسكرية وحتى وصلت معها أن ترسل المرتزقة السوريّين إلى أذربيجان لمشاركتهم في الحرب ضد أرمينية كما استخدمتهم في ليبيا، ولكن هنا تفصح بأن المرتزقة اَلسُّورِيِّينَ لم تبقى لهم هدف معين سوى الارتزاق وجمع المال ومصيرهم ستكون كلّ مصير داعش في نهاية المطاف ستحاربهم جميع الدول حتى تنتهي أمرهم سواءً إن كانت في إدلب أو في المناطق شمال وغرب حلب .
وبطبع الحرب بين أذربيجان وأرمينية مؤقتة بعد إثبات وجود الإسرائيلي في أذربيجان والمكاسب الاستراتيجية التي تجنيها من هذا التواجد. حيث تقليص التواجد الإيراني في تلك المنطقة، وهكذا قد ضاقت الخناق على الإيران، وبذلك يتم تقليص دورها هناك كما يحصل الان في الشرق الأوسط بعد التضييق عليها وتحجيم اذرعتها في الخليج العربي والعراق وسوريا. 
ونلاحظ أيضاً وقوع تركيا في مستنقع الحروب مع جميع الدول الجوار من دون أي فائدة، ووضعها يتجه نحو الأسوأ، من جهة تحارب الشيعة في سورية إلى جانب السنة ( وفق معازمها )، وبنفس الوقت تدعم الشيعة في اذربيجان في الحرب ضد أرمينية. وبنفس الوقت تدعم إيران الشيعية - أرمينيا المسيحية، وبنفس الوقت تدعم إيران الشيعة في السورية والعراق ولبنان، وتدعم أرمينية لمحاربة الشيعة في أذربيجان، هكذا هي السياسة لا تعرف الاخلاق والانتماءات وإنما المصالح الخاصة، وتستخدم في سبيل تحقيق ذلك المذاهب والاديان والقوميات.

شارك المقال لتنفع به غيرك

آدمن الموقع

الكاتب آدمن الموقع

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات

3113545162143489144
https://www.geo-strategic.com/