إدارة بايدن الجديدة والرعب الذي ينتشر في الشرق الآوسط وأنقرة ودمشق

آدمن الموقع
0
تحليل إستراتيجي لـ: إبراهيم كابان 
خاص/ شبكة الجيوستراتيجي للدراسات
قد لا تظهر الكثير من المسائل الحساسة التي تتعلق بالمتغيرات الجيوسياسية في الشرق الأوسط على الإعلام، ولعلّ الجزء الأكثر إثارة منه يجري رحاه خلف الكواليس، وبالتحديد بين القوى الإقليمية وطبيعة علاقاتها مع القوى الكبرى الحاضرة في المشهد السوري، لا سيما الضالعة في الازمة السورية ميدانياً، وفي مقدمتها روسيا والولايات المتحدة الأمريكية.
وقد يفهم عملياً إن كلا القوتين المهيمنتين على الحدث السوري، متفقتين في الافق، بينما على التفاصيل تختلفان وفق المصالح الآنية، وهذا ممكن جداً، بحكم لا يمكن لروسيا التحرك بأريحية في سوريا دون التوافق مع الأمريكيين. وما نشاهده بعض الاحيان من تشابك ومواجهات كلامية أو صدامات خفيفة مع قطع الطرق على الأرض السورية، إنما هي نتائج طبيعية لإصرار كل طرف على التمسك بمصالحه الخاصة.
ما بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا ( السيناريو الآخر )
ومع فهمنا التام لنوايا النظام التركي في سوريا، والتي تتناقض في الكثير من التفاصيل مع الأهداف الأمريكية، إلا أن التوسع الروسي في المنطقة ضمّن للأتراك جزئياً التشبث الأمريكي الدائم بالعلاقات معها، وبالتالي يجب أن نوضع خططنا وفق هذه الاستراتيجية ونفهم حجم تلك العلاقات وكيفية بناء العلاقات مع الطرف الأمريكي على أساس إن الأمريكيين في سوريا يستطيعون التأثير على القرار التركي من طرف، وتحجيم التوسع الروسي، بالاضافة إلى دعم الادارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية. 
لم تعد الولايات المتحدة الأمريكية تثق بالمعارضة السورية، المسلحة منها، وواجهتها السياسية "الإئتلاف السوري"، وهي تدرك إن أي تحرك لهذه المعارضة على الأرض إنما ستكون من خلال التأثير التركي، وبالتالي مع فهم الأمريكيين للنوايا التركية في سوريا وما تسعى إليها إليه من خلال هذه المجموعات إنما تضر بالمصالح الأمريكية، لأن الاستخدامات التركية لهذه المجموعات باتت آداة حرب ضد حلفاء الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا، ولم تعد هذه المعارضة تقاتل ضد النظام السوري والمجموعات الإيرانية، وإن الأتراك وجهوا هذه المعارضة إلى دعم النظام السوري الذي جزءاً منه المجموعات الإيرانية المسلحة، والتي تجدها الولايات المتحدة وحلفها في الخليج العربي اكبر تهديد على أمن المنطقة. لهذا يمكن فهم هذه الجزئية أيضاً من باب التوجه الأمريكي القادم سيكون بمثابة ضغط مباشر على النظام التركي كي يوجه هذه المجموعات مجدداً لمحاربة النظام السوري، مقابل التخفيف من المخاوف التركية حيال قوات سوريا الديمقراطية والكرد. وهنا سنشهد طبخة امريكية جديدة لتقارب كردي – تركي، بين الادارة الذاتية والدولة التركية، وسوف تبنى هذه العلاقة على أساس اجراء تغييرات داخل المؤسسة السياسية التركية، بمعنى سنشهد تصاعداً للمعارضة التركية بدعم أمريكي – أوروبي، على حساب النظام القائم.
ندرك تماماً إن الأمريكيين لن يدخلوا في صراع مع تركيا من أجل الكرد في سوريا، وإنما سيعملون على خلق توازن جديد ينزع فتيل الغضب التركي من طرف، ويحمي المصالح الإستراتيجية الأمريكية في سوريا، وبالتالي ستدخل الدبلوماسية الأمريكية في نطاق عمل لإيجاد صيغة مناسبة يضمن جزءاً يسيراً من نوايا جميع الأطراف على أن تدخل جميعها في خدمة المصالح الاستراتيجية الأمريكية.
فخ عين عيسى !؟
الظاهر، إن الاحتلال التركي يحاول خلال الفترة الانتقالية في الادارة الأمريكية فرض واقع جديد بمناطق شرق الفرات، إلا أن الهدف الشامل لهذه الحملة تجمع تفاهاً تركياً – مع النظام السوري، وبرعاية روسية ومباركة إيرانية. 
تحاول روسيا من خلال هذه العملية إرضاء تركيا من طرف، وهو ما يضمن لها إبعادها عن أية عودة محمودة مع المصالح الأمريكية في سوريا، وهذا ناتج عن الخشية الروسية بالدرجة الأولى من أية إستراتيجية أمريكية جديدة مع تولي جو بايدن. وهذا يعني التحركات الروسية الجديدة شرق الفرات الهدف منه زيادة التباعد التركي عن الادارة الأمريكية، وبالتالي النزعة التركية حيال منطقة الادارة الذاتية يمكن استغلالها من قبل روسيا، كما حصل في عفرين، وكان ذلك دافعاً لتكرار التجربة شرق الفارت بيد ادارة ترامب، ولم تعد هناك مناطق جديدة تعقد عليها روسيا اتفاقيات وصفقات جديدة مع تركيا في سوريا، وفشل هذه العملية في عين عيسى كانت نتيجة تدخل امريكي غير معلن، لأن اللعبة الروسية مكشوفة أمام الأمريكية، والهدف الروسي الأساسي هو كسب اكبر قدر من المواقع والمساحات شرق الفرات وكذلك رضخ قوات سوريا الديمقراطية للدخول في علاقات خاصة معها، وهذا يضمن ابتعاداً عن الولايات المتحدة الأمريكية التي ستبدأ في الاسابيع القليلة القادمة بإنطلاقة جديدة لتكريس مصالح متجددة. 
بالاضافة إلى ذلك باتت الظروف تتهيئ لواقع جيوسياسي جديد في الشرق الأوسط وسوريا، وبالتالي جميع العلاقات والمصالح والتطورات تتجه نحو اوجه مختلفة، لا سيما التقارب العربي – العربي في الخليج، وتوحيد الموقف الأوروبي حيال التصرفات التركية، وصعود التيار المضاد للسياسات التركية وعلاقاتها مع روسيا في الولايات المتحدة الأمريكية إلى ادارة الكونغرس والبرلمان والجيش والاستخبارات والأمن القومي والحكومة، ستكون دوافع كافية لإجراء وضع سياسي جديد في تركيا.

إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!