لماذا يلوح النظام التركي بغزو جديد على شمال سوريا؟، وطبيعة العلاقات التركية العربية والغربية

آدمن الموقع 6:37:00 م 3:14:20 ص
للقراءة
كلمة
0 تعليق
نبذة عن المقال:
-A A +A
الصورة: أردوغان ووفد عسكري وسياسي تركي في زيارة للمملكة العربية السعودية بحجة تأدية العمرة، بينما أوساط سياسية تتحدث عن محاولة إعادة العلاقات مع المملكة.
تحليل الإستراتيجي: إبراهيم كابان
خاص/ شبكة الجيوستراتيجي للدراسات
في الوهلة الأولى قد يفهم المتتبع للتطورات في سياق السياسة الخارجية التركية على إن نظام أردوغان يحاول بشتى الوسائل العودة إلى إعادة العلاقات مع المحيط العربي كجزء من إستراتيجية إنقاذ الاقتصاد التركي الذي يتدحرج بين الإنهيار والتراجع الكبير، إلا أن الكارثة التي ألحقها هذا النظام بالعلاقات الإقليمية لا سيما العربية لا يمكن تجاوزه خارج سياقات دولية ويتطلب جهداً كبيراً وتنازلات غير طبيعية لمد جسور العلاقات السابقة.
قضية العودة إلى سابق العهود بالنسبة للفوائد التي كانت تجني تركيا من تلك العلاقات مع الدول الخليج، غير ممكنة في ظل الظروف الإقتصادية الغير مستقرة التي تجتاح المنطقة ككل كنتيجة لآثار جائحة كورونا، وإفتعال عوامل إقتصادية غير صحية بسبب الحرب الروسية الكرواتية، وتسرع كبينة أردوغان في إفعتال الكثير من الإشكاليات الغير صحية في الشرق الأوسط، كإدارة ملف الإرهاب، ودعم المتطرفين، والتدخل في عدة أزمات وإفتعالها إبتداءً من سوريا وإنتهاءً بليبيا والعراق. ودعم المجموعات المتطرفة للأخوان المسلمين داخل البلدان العربية التي دخلت في خصام ومشاكل كبيرة، وقطعت علاقاتها مع النظام التركي، وأفضت إلى مزيداً من طوق الخناق حول الاقتصاد التركية بالدرجة الأولى، وعلاقاتها الإقليمية والدولية.

هل أصبح أردوغان ورقة محروقة عربياً ودولياً؟

بالنظر إلى المواقف الدولية من السياسات التركية في الشرق الأوسط وإتجاه الإتحاد الأوروبي، سنجد إن النسق الذي كان يتحرك من خلاله نظام أردوغان وفق التطمينات هذه الدول، قد تغير كلياً، وإن عملية التحرك التركي وفق مفرزات الثورات الربيع العربي، جعلته في منحى مختلف مما كان عليه وفق الاستراتيجية الغربية، حتى إن التقرب التركي من الروس في الوقت الذي يشكل الثاني خطراً حقيقياً على القوى الغربية، أوجدت مسارات جديدة ينظر من خلاله القوى الغربية للتحركات التركية، مقابل الثقة المفقودة من الجانب الروسي إتجاه تركيا أردوغان.
تركيبة العلاقات التركية الأمريكية معقدة جداً، ولايمكن إخراج الأتراك من العبائة الأمريكية في ظل جميع التطورات الجيوعسكرية وسياسية في الشرق الأوسط، إلا أن النظرة الأمريكية لسيرورة التحركات التركية قد تطور بفعل التقييم الجديد لمنحى التحولات التركية نحو روسيا. المنطق يفرض نفسه بأن الاتراك أستطاعوا اللعب على وتر تشكيل قلق للأمريكيين حيال العلاقات الروسية العسكرية مع تركيا، ولعلَّ نقطة سوريا شكل مفترق طرق لهذه التحولات، في ظل عدم القبول الأمريكي بتسليم المنطقة الكردية في سوريا للغزو التركي، والإدراك الأمريكي العميق بإدارة الأتراك للمجموعات المتطرفة في سوريا وليبيا والعراق.
بالنسبة للروس يهمهم كثيراً كسر جدار الناتو في تركيا، لأن التوسع في المنطقة العربية بالنسبة لروسيا إنما مغامرة تجارية وعسكرية مهمة، وهو ما تدركه الولايات المتحدة والقوى الغربية، ولعلَّ تسخين الأزمة الأوكرانية وإطالة عمرها يتم بفعل غربي متعمد، ويراد من هذه العملية أفغنة هذه المنطقة وتحويلها لمستنقع أمام التوسع الروسي، ودفع الاتحاد الأوروبي إلى تأمين موارد الطاقة البديلة عن الحاجة للروس، والتحكم الروسي بها، وهي عملية فك إرتباط إقتصادي، بمعنى تضعيف القدرة الروسية، وتخفيف تهديداتها على الدول الغربية من بوابة أوروبا الشرقية.
لذا حاول الروس الاستفادة من الازمة السورية ومعطياتها، لا سيما الشق المتعلق بالأطماع التركية، والمتعلقة بالتطورات الكردية في سوريا. وقد قدمت روسيا من جابنها الكرد على سجادة حمراء للنظام التركي مقابل تمكين النظام السوري في القضاء على المجموعات المعارضة، وتمت العملية بالمجمل بتطبيق السيناريو التالي:
تشييع مناطق شاسعة من الداخل السوري، مقابل تنفيذ عملية التطهير العرقي بحق العرب السنة، وآلية تنفيذ هذه العملية كانت مكلفة للميليشيات الشيعية العراقية والإيرانية، والنظام السوري. وبالتالي فتح المجال أمام النظام التركي في القضاء على أية أجندات عربية وغربية في سوريا، وبناء تركيبة معارضة يسيطر عليها شبكة اخوان المسلمين والمجموعات التركمانية المتطرفة، وتنفيذ عملية اعادة توطين العرب السنة في المناطق الكردية في الشمال.
لم تبقى بيد المعارضة منطقة سورية واحدة ما عدى المنطقة الكردية الممتدة من رأس العين/ سري كانية إلى عفرين، وتشكيل إمارة متطرفة للقاعدة (الجبهة الشامية) في إدلب، وطبعاً بإشراف ودعم وتسليح وتدريب من المخابرات التركية.
على المستوى العربي، تعاني معظم الدول إشكالية مواجهة التطرف والتهديد المباشر لأنظمة الحكم، وهذا يعني هناك حاجة إلى النظام التركي بإستمرار، فعصى الاخوان المسلمين المصرية التي تديرها المخابرات التركية وشبكات القاعدة وملفات كقضية الخاشقجي وغيرها ضد المملكة العربية السعودية وكذلك توجيه النظام القطري ضد الدول الخليج العربي، كل هذه الملفات بسيطرة بالنسبة لإجبارية جميع الدول الخليج العربي في إعادة العلاقات مع تركيا، وبالتالي ستشهد تحركات تركية دبلوماسية وإستخباراتية لإعادة الجزء اليسير من تلك العلاقات، وهذه الدول واقعة تحت تأثير التهديدات المباشر من تلك المجاميع. لذا سيلعب النظام التركي في المراحل القادمة على الدور القطري الدولي، وبحث الدول الخليج العربي ومصر عن تهدأة الأوضاع مع تركيا. وإن كانت الثقة المطلوبة غير موجودة، إلا أن الظروف الدولية باتت تفرض نفسها.

هل سوف يساعد ذلك النظام التركي في إعادة بناء العلاقات الإقليمية والغربية؟

يعتمد أردوغان على إستراتيجية تمكين التيار الديني في تركيا وتشكيل جيش وأمن وجماعات بديلة للجيش تمكنه في تحشيد الشارع التركي، مقابل تضعيف التيارات العلمانية والديمقراطية من خلال تهم صورية، وطال ذلك عدد كبير من المعارضين وحقوقيين وطلاب وتجار، وهذه العملية تتسبب بتضعيف إمكانات المعارضة، مقابل تسخين العلاقات مع القوى الغربية وإجبارها على تقديم التنازلت لصالح التعامل مع المعارضة بعنف منخفض.
بما إن الدول العربية تبحث عن التهدأة مع النظام التركي لأسباب تتعلق بأمنها، وكذلك الدول الأوروبية التي تحتاج لتركيا في ملفات اللاجئين والتضييق على التوسع الروسي، فإن إعادة العلاقات ممكنة، إلا أن البحث الغربي عن البديل في تركي مستمر، وقد يعتمدون على الانتخابات الرئاسة القادمة، بالرغم إن النظام التركي يهيئ الظروف الامنية والعسكرية والسياسية لإستمراريته.
الإنشغال الغربي - الروسي بالازمة الأوكرانية، هل سيساعد النظام التركي في تنفيذ عملية عسكرية جديدة في سوريا أو العراق؟
من حيث المنطق الجواب نعم، وليس من مصلحة الروس أو الأمريكيين بخلق أزمة مع الأتراك في هذه المرحلة بالتحديد، ولكن ذلك لا يعني بالضرورة السماح للنظام التركي في خلق أزمات جديدة في المنطقة.
بالظروف الداخلية التركية متاحة لتنفيذ أي عمل عسكري تركي جديد في سوريا، لأن الشارع التركي وضمنهم الشريحة الكردية، باتت رهينة الاعتقالات والتهديدات، وهناك شريحة واسعة تركية لا سيما القوميين منها والاسلام السياسي تدعم النظام التركي في تنفيذ أي غزو جديد ضد الكرد. ويمكن فهم ذلك أكثر من خلال العملية التركية الجديدة في إقليم كردستان، حيث تبينت الضلوع النظام العراقي في العملية، وهناك طرف كردي قد يكون لها علاقة بذلك. وبالتالي يمكن التوقع أي تحرك تركي جديد بإتجاه إقليم الادارة الذاتية. إلا أن الضوء الأخضر سيكون أمريكياً - روسيا، بمعنى التحرك التركي مرهون بتلك الموافقة، وقضية الحصول عليها أو لا تتوقف على مدى الإستراتيجية الأمريكية - الروسية في سوريا. هل ستفعلها روسيا لخلق أزمة تركية - أمريكية؟.

شارك المقال لتنفع به غيرك

آدمن الموقع

الكاتب آدمن الموقع

قد تُعجبك هذه المشاركات

إرسال تعليق

0 تعليقات

3113545162143489144
https://www.geo-strategic.com/