خبر وتحليل: فريق الجيوستراتيجي للدراسات
كشفت وكالة فرانس برس نقلاً عن مصدر دبلوماسي سوري أنّ الحكومة السورية تعتزم تسليم نحو 400 مقاتل إيغوري إلى الصين خلال الفترة المقبلة. وأوضح المصدر أنّ عملية التسليم ستتم على دفعات استجابة لطلب صيني مباشر. وأضاف أنّ الملف سيكون جزءاً أساسياً من جدول مباحثات وزير الخارجية السوري خلال زيارته المرتقبة إلى بكين. وبحسب الوكالة، ترى دمشق أنّ هذا الإجراء يأتي في إطار تعزيز التنسيق الأمني مع الصين. كما أشارت إلى أنّ بكين تضغط منذ أشهر لمعالجة ملف المقاتلين الإيغور الموجودين في سوريا.
كشفت وكالة فرانس برس نقلاً عن مصدر دبلوماسي سوري أنّ الحكومة السورية تعتزم تسليم نحو 400 مقاتل إيغوري إلى الصين خلال الفترة المقبلة. وأوضح المصدر أنّ عملية التسليم ستتم على دفعات استجابة لطلب صيني مباشر. وأضاف أنّ الملف سيكون جزءاً أساسياً من جدول مباحثات وزير الخارجية السوري خلال زيارته المرتقبة إلى بكين. وبحسب الوكالة، ترى دمشق أنّ هذا الإجراء يأتي في إطار تعزيز التنسيق الأمني مع الصين. كما أشارت إلى أنّ بكين تضغط منذ أشهر لمعالجة ملف المقاتلين الإيغور الموجودين في سوريا.
التحليل
خلفية القضية وإشكاليتها الجوهرية
تواجه سورية اليوم ملفًا إنسانيًا وسياسيًا مركبًا يتقاطع فيه الأمن القومي الدولي مع المصالح الإقليمية: وجود عناصر من الإيغور المصنّفين كـ«مجاهدين» داخل الأراضي السورية. هذا الوجود لم يَعُد مسألة أمنية محلية فحسب، بل تحوّل إلى ورقة ضغط تستخدمها بكين في محافل دولية—خاصة في مجلس الأمن والأمم المتحدة—للمطالبة بتسليم المطلوبين. من جهة أخرى، فإن نظام أحمد الشرع، الذي يسعى إلى تثبيت شرعيته داخليًا وخارجيًا، يجد نفسه محصورًا بين سعيه لإبقاء توازنات جديدة في علاقاته الإقليمية والدولية، وضرورة تلبية مطالب قوة عظمى لديها قدرة على تعطيل مساعيه في المحافل الدولية.
تواجه سورية اليوم ملفًا إنسانيًا وسياسيًا مركبًا يتقاطع فيه الأمن القومي الدولي مع المصالح الإقليمية: وجود عناصر من الإيغور المصنّفين كـ«مجاهدين» داخل الأراضي السورية. هذا الوجود لم يَعُد مسألة أمنية محلية فحسب، بل تحوّل إلى ورقة ضغط تستخدمها بكين في محافل دولية—خاصة في مجلس الأمن والأمم المتحدة—للمطالبة بتسليم المطلوبين. من جهة أخرى، فإن نظام أحمد الشرع، الذي يسعى إلى تثبيت شرعيته داخليًا وخارجيًا، يجد نفسه محصورًا بين سعيه لإبقاء توازنات جديدة في علاقاته الإقليمية والدولية، وضرورة تلبية مطالب قوة عظمى لديها قدرة على تعطيل مساعيه في المحافل الدولية.
الضغوط الصينية والدوافع الدولية
تستند الضغوط الصينية إلى مزيج من اعتبارات أمنية داخلية وسياسة خارجية دفاعية: بكين تصف عناصر الإيغور المتورطين عسكريًا بأنهم تهديد أمني وإرهابي، وتعتبر أي ملاذ لهم تهديدًا لاستراتيجيتها الداخلية في شينجيانغ. على الصعيد الدولي، تمتلك الصين أدوات نفوذ متعددة—دبلوماسية، اقتصادية، وربما إجرائية داخل الأمم المتحدة—تجعل من ملاحظتها ملفًا ذي تأثير مباشر على قدرة أي نظام على كسب اعتراف دولي أو تحييد معارضيه.
بالنسبة لنظام الشرع، قبول الطلب الصيني يحرره جزئيًا من ضغط دولي ويُسهّل مسألة الانخراط مع حلفاء جدد، لكنه في المقابل يفتح عليه اتهامات أخلاقية وسياسية، ويضعه أمام مأزق يتعلق بقدرته على إدارة التوازنات بين مطالب دول كبرى ومخاوف القوى المحلية والإقليمية.
تبعات تسليم الإيغور على نظام الشرع والاستقرار الإقليمي
أولًا، داخليًا: تسليم مطلوبين إلى بلد ثالث، خاصة في سياق يُتوقع أن يواجهوا أحكامًا قاسية أو ممارسات انتقامية، يضع النظام أمام انتقادات من فصائل محلية ومجتمعات مدنية، ويعرّضه لاتهامات بانتهاك مبادئ اللاجئين والضيافة أو القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان. كما أن خطوة من هذا النوع قد تقوّض أي مزاعم نظامية حول حماية الأقليات أو ضمان أمن مجتمعاته المتعددة.
ثانيًا، إقليميًا: تحويل عناصر مقاتلة بين أحضان حلفاء مختلفين قد يعيد تشكيل خرائط التحالفات. رفض الصين أو قَبولها يتقاطع مع حسابات تركيا وإيران وروسيا والولايات المتحدة—كلٌّ له مصالحه تجاه وجود هذه المجموعات. تسليم الإيغور قد يقوّي من ورقة الضغط الصينية في المنطقة، لكنه أيضًا قد يثير استياءًا لدى فصائل أو دول ترى في ذلك خيانة لقضايا تتصل بالهوية أو بالتحالفات المحلية.
ثالثًا، إنسانيًا وقانونيًا: أي عملية تسليم جماعية تُثير قلق المجتمع الدولي فيما يخص مبادئ اللاجئين ومنع التعذيب. وصف عملية التسليم بأنها «دفعات» يشي بغياب آليات قضائية شفافة لحماية حقوق الأفراد، مما يعقّد موقف النظام أمام مؤسسات حقوق الإنسان ويخلق سوابق قانونية ومخاطر دبلوماسية مستقبلية.
سيناريوهات مستقبلية وتوصيات استراتيجية
السيناريو الأول — تسليم تدريجي مع غطاء قانوني ضعيف: يؤدي إلى تهدئة مؤقتة في العلاقات مع بكين لكنه يزيد من عزلة النظام في ملفات إنسانية ويعرضه لاتهامات دائمة بالإخفاق في حماية حقوق المقيمين على أراضيه.
السيناريو الثاني — رفض صريح أو تأجيل طويل: يرفع تكلفة المواجهة مع الصين، وقد يترتب عليه تعطيل مشاريع دولية أو ضغوط في الأمم المتحدة، لكنه قد يكسب النظام دعمًا من جهات دولية ومدنية ترى في التسليم جريمة إنسانية.
السيناريو الثالث — التفاوض على حلول بديلة: مثل إعادة إدماج الأفراد عبر محاكمات شفافة أو تسوية قانونية مع إشراف دولي أو منظمات إنسانية، أو نقل رقابة دولية على أوضاعهم. هذا الخيار أقل كلفة أخلاقية لكنه يتطلب تنازلات سيادية ومشاركة أطراف دولية.
توصيات عملية:
على نظام الشرع العمل على خلق آلية قضائية شفافة تخضع لمعايير دولية قبل أي تسليم، تضمن حق الدفاع وتمنع التعذيب أو الإعدام تعسفًا.
إشراك مؤسسات دولية ومحامين مستقلين ومنظمات حقوقية كطرف مراقب يخفف التكلفة السياسية والإنسانية لخطوات التسليم.
التفكير في حلول بديلة—مثل محاكمات محلية تحت إشراف دولي أو برامج إعادة تأهيل ومراقبة—توازن بين الضغوط الخارجية والالتزامات الأخلاقية والداخلية.
على الفاعلين الدوليين الإقليميين الضغط من جهة لتوفير بدائل إنسانية، ومن جهة أخرى لعدم تحويل الملف إلى ساحة تصفية سياسية على حساب حقوق الإنسان.
المحصلة
قضية الإيغور في سورية نموذج لمعضلة أكبر: كيف يمكن لدولة ضعيفة نسبيًا أن توازن بين مطالب قوة عظمى ومخاوف المجتمع الدولي والالتزامات الإنسانية؟ التسليم كخيار يبدو عمليًا، لكنه يترك آثارًا سياسية وأخلاقية طويلة الأمد على نظام الشرع ومظاهر الاستقرار في المنطقة. إدارة هذه الأزمة تتطلب رؤية قانونية واضحة، شفافية، ومساعي وساطة دولية تضمن احترام حقوق الإنسان وتحدّ من تصعيد العنف السياسي.
قضية الإيغور في سورية نموذج لمعضلة أكبر: كيف يمكن لدولة ضعيفة نسبيًا أن توازن بين مطالب قوة عظمى ومخاوف المجتمع الدولي والالتزامات الإنسانية؟ التسليم كخيار يبدو عمليًا، لكنه يترك آثارًا سياسية وأخلاقية طويلة الأمد على نظام الشرع ومظاهر الاستقرار في المنطقة. إدارة هذه الأزمة تتطلب رؤية قانونية واضحة، شفافية، ومساعي وساطة دولية تضمن احترام حقوق الإنسان وتحدّ من تصعيد العنف السياسي.

