هيئة تحرير شبكة الجيوستراتيجي للدراسات
يشهد المشهد الكردي في الشرق الأوسط مرحلة دقيقة تتقاطع فيها التحديات البنيوية مع التحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، ما يفرض على القوى الكردية إعادة النظر في آليات عملها واستراتيجياتها القومية. وفي مقدمة هذه التحولات يبرز إقليم كوردستان بوصفه الفاعل الأقدر على إدارة اللحظة التاريخية، وإعادة تنظيم البيت الكردي، وتطوير مقاربة جامعة تستوعب اختلافات الأجزاء الأربعة لكردستان، وتستثمر في نقاط قوتها.
لقد مثّلت التحركات السياسية والدبلوماسية الأخيرة للقيادة الكوردستانية إشارة واضحة إلى أن الإقليم يتحرك باتجاه لعب دور مركز الثقل القومي، مستنداً إلى تجربته السياسية، وشرعيته الشعبية، وعلاقاته الدولية، وقدرته على بناء مسارات واقعية للحوار بين القوى الكردية. وظهر هذا التحول بشكل جلي في طريقة تعامل الإقليم مع الملفات المعقدة التي تخص الكرد في سوريا وتركيا وإيران، حيث سعى إلى بناء جسور سياسية جديدة تعيد وصل ما انقطع، وتمنع الانقسام الداخلي من التحول إلى عامل إضعاف استراتيجي في مواجهة التحديات المشتركة.
وفي هذا السياق، جاء انعقاد منتدى "ميبس" في دهوك ليؤكد أن الإقليم يتحرك ضمن رؤية منهجية تهدف إلى خلق فضاء سياسي جامع للكرد من مختلف الأجزاء. وقد شكّل المنتدى محطة نوعية في العمل القومي، لأنه استطاع أن يجمع ممثلي الحركة السياسية الكردية من أجزاء كردستان الأربعة تحت سقف واحد، في لحظة تعاني فيها المنطقة من تشتت الخيارات وتعقّد العلاقة بين الفاعلين المحليين والإقليميين.
ولم يكن منتدى "ميبس" حدثاً بروتوكولياً؛ بل كان منصة حقيقية لإعادة بناء الثقة، واستعادة الحوار البيني، وتطوير المشتركات السياسية بين القوى الكردية. شهد المنتدى نقاشات معمقة تناولت القضايا الحساسة، من مستقبل كردستان سوريا وموقعها الجيوسياسي، إلى وضع الكرد في تركيا وإيران، مروراً بالتحديات القائمة في الإقليم نفسه. وقد عكس الحضور السياسي المكثف من الأجزاء الأربعة رغبة صادقة في إنتاج صيغة جديدة للتنسيق القومي، أكثر نضجاً واتساقاً مع الوقائع الإقليمية.
إنّ حضور القوى الكردية من كردستان سوريا ضمن هذا المنتدى كان ذا بعد استراتيجي لافت؛ فهذه الساحة، التي تشكل إحدى أكثر البيئات حساسية، تعاني من غياب بنية سياسية موحدة، وتواجه ضغوطاً عسكرية وسياسية من أطراف متعددة. وقد تمكن إقليم كوردستان، عبر احتضان فعاليات المنتدى، من توفير بيئة آمنة للحوار السوري الكردي، وساعد على خلق مساحة لإعادة التفكير في أسس العمل المشترك، بعيداً عن الاصطفافات الإقليمية والصراعات الداخلية التي عطّلت لسنوات أي مشروع للتقارب.
كما أن مشاركة شخصيات سياسية وثقافية من كردستان تركيا وإيران أضفت على منتدى "ميبس" طابعاً قومياً عابراً للحدود، وعكست قدرة الإقليم على إدارة علاقات متوازنة مع القوى الكردية في تلك الساحتين. وقد ظهر في المنتدى خطاب سياسي أكثر عقلانية وبراغماتية، يقوم على مبادئ واضحة: تجنّب التصعيد غير الضروري، احترام استقلالية القرار المحلي لكل جزء، والعمل على تعزيز الروابط القومية دون الانجرار إلى مواجهات إقليمية قد تضر بمصالح الكرد العامة.
ولعلّ العنصر الأكثر أهمية في كل ما يجري هو الدعم الشعبي الواسع الذي لقيته هذه التحركات. فقد أبدى الشارع الكردي في مختلف المناطق اهتماماً وتأييداً كبيرين لمنتدى "ميبس" وما أنتجه من رسائل سياسية، انطلاقاً من قناعة متنامية بأن وحدة الجهود الكردية هي حاجة قومية ملحّة، وأن إقليم كوردستان يمتلك من الخبرة، ومن الاعتراف الإقليمي والدولي، ما يتيح له لعب دور قيادي في هذه المرحلة. وظهر هذا الدعم من خلال المتابعة الكثيفة لفعاليات المنتدى، والتفاعل الواسع على منصات الإعلام والمجتمع المدني، واعتبار الحدث خطوة في الاتجاه الصحيح نحو إعادة إحياء الوعي القومي المشترك.
إنّ هذا القبول الشعبي ليس مجرد رد فعل عابر، بل هو مؤشر على نضج جديد في الوعي الكردي، واستعداد متزايد لدعم أي مبادرة تتسم بالواقعية السياسية والابتعاد عن الانقسامات التاريخية التي أنهكت الحركة القومية لعقود طويلة. ومن شأن هذا الدعم أن يتحول إلى رافعة استراتيجية لمشروع قومي طويل الأمد، يهدف إلى بناء منظومة تعاون كردية شاملة، تحترم خصوصية كل ساحة، وتضمن في الوقت نفسه الحد الأدنى من التفاهمات والالتزامات المشتركة.
وعلى المستوى الاستراتيجي، يمكن القول إن إقليم كوردستان يتحول اليوم من مجرد كيان سياسي محلي إلى فاعل قومي مؤثر قادر على صياغة المبادرات والقيام بالدور التنسيقي الذي افتقده الكرد طويلاً. وقد أسهم منتدى "ميبس" في دهوك في تعزيز هذا التحول، عبر إظهار قدرة الإقليم على إدارة حوار قومي واسع، واستقطاب الفاعلين الكرد من مختلف المناطق، والتأسيس لخطاب جديد يوازن بين الطموحات القومية والوقائع الإقليمية.
وترى هيئة التحرير أن التحركات الأخيرة، وما رافق منتدى "ميبس" من تفاعل سياسي وشعبي، تمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء البيت الكردي، وترسيخ مبدأ الحوار الداخلي، وتجاوز إرث الخلافات وتناقضات الماضي. وإذا ما استطاع الإقليم الاستمرار في هذا النهج، وصياغة إطار مؤسساتي للحوار والتنسيق القومي، فقد نشهد خلال السنوات القادمة بروز رؤية كردية موحدة، قادرة على التعامل بفاعلية مع التحديات، وعلى تقديم نفسها للمجتمع الدولي كلاعب مسؤول يمتلك مشروعاً واضحاً للسلام والاستقرار.
إنّ المرحلة الراهنة تحمل مؤشرات إيجابية على إمكان ولادة مقاربة كردية جديدة، أكثر عقلانية وصلابة، يتقدم فيها إقليم كوردستان لقيادة الحراك القومي، وتوحيد الجهود، وصياغة المستقبل الكردي في الشرق الأوسط، بما يتناسب مع نضالات الشعب الكردي وتطلعاته العادلة نحو الحرية والكرامة.
يشهد المشهد الكردي في الشرق الأوسط مرحلة دقيقة تتقاطع فيها التحديات البنيوية مع التحولات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، ما يفرض على القوى الكردية إعادة النظر في آليات عملها واستراتيجياتها القومية. وفي مقدمة هذه التحولات يبرز إقليم كوردستان بوصفه الفاعل الأقدر على إدارة اللحظة التاريخية، وإعادة تنظيم البيت الكردي، وتطوير مقاربة جامعة تستوعب اختلافات الأجزاء الأربعة لكردستان، وتستثمر في نقاط قوتها.
لقد مثّلت التحركات السياسية والدبلوماسية الأخيرة للقيادة الكوردستانية إشارة واضحة إلى أن الإقليم يتحرك باتجاه لعب دور مركز الثقل القومي، مستنداً إلى تجربته السياسية، وشرعيته الشعبية، وعلاقاته الدولية، وقدرته على بناء مسارات واقعية للحوار بين القوى الكردية. وظهر هذا التحول بشكل جلي في طريقة تعامل الإقليم مع الملفات المعقدة التي تخص الكرد في سوريا وتركيا وإيران، حيث سعى إلى بناء جسور سياسية جديدة تعيد وصل ما انقطع، وتمنع الانقسام الداخلي من التحول إلى عامل إضعاف استراتيجي في مواجهة التحديات المشتركة.
وفي هذا السياق، جاء انعقاد منتدى "ميبس" في دهوك ليؤكد أن الإقليم يتحرك ضمن رؤية منهجية تهدف إلى خلق فضاء سياسي جامع للكرد من مختلف الأجزاء. وقد شكّل المنتدى محطة نوعية في العمل القومي، لأنه استطاع أن يجمع ممثلي الحركة السياسية الكردية من أجزاء كردستان الأربعة تحت سقف واحد، في لحظة تعاني فيها المنطقة من تشتت الخيارات وتعقّد العلاقة بين الفاعلين المحليين والإقليميين.
ولم يكن منتدى "ميبس" حدثاً بروتوكولياً؛ بل كان منصة حقيقية لإعادة بناء الثقة، واستعادة الحوار البيني، وتطوير المشتركات السياسية بين القوى الكردية. شهد المنتدى نقاشات معمقة تناولت القضايا الحساسة، من مستقبل كردستان سوريا وموقعها الجيوسياسي، إلى وضع الكرد في تركيا وإيران، مروراً بالتحديات القائمة في الإقليم نفسه. وقد عكس الحضور السياسي المكثف من الأجزاء الأربعة رغبة صادقة في إنتاج صيغة جديدة للتنسيق القومي، أكثر نضجاً واتساقاً مع الوقائع الإقليمية.
إنّ حضور القوى الكردية من كردستان سوريا ضمن هذا المنتدى كان ذا بعد استراتيجي لافت؛ فهذه الساحة، التي تشكل إحدى أكثر البيئات حساسية، تعاني من غياب بنية سياسية موحدة، وتواجه ضغوطاً عسكرية وسياسية من أطراف متعددة. وقد تمكن إقليم كوردستان، عبر احتضان فعاليات المنتدى، من توفير بيئة آمنة للحوار السوري الكردي، وساعد على خلق مساحة لإعادة التفكير في أسس العمل المشترك، بعيداً عن الاصطفافات الإقليمية والصراعات الداخلية التي عطّلت لسنوات أي مشروع للتقارب.
كما أن مشاركة شخصيات سياسية وثقافية من كردستان تركيا وإيران أضفت على منتدى "ميبس" طابعاً قومياً عابراً للحدود، وعكست قدرة الإقليم على إدارة علاقات متوازنة مع القوى الكردية في تلك الساحتين. وقد ظهر في المنتدى خطاب سياسي أكثر عقلانية وبراغماتية، يقوم على مبادئ واضحة: تجنّب التصعيد غير الضروري، احترام استقلالية القرار المحلي لكل جزء، والعمل على تعزيز الروابط القومية دون الانجرار إلى مواجهات إقليمية قد تضر بمصالح الكرد العامة.
ولعلّ العنصر الأكثر أهمية في كل ما يجري هو الدعم الشعبي الواسع الذي لقيته هذه التحركات. فقد أبدى الشارع الكردي في مختلف المناطق اهتماماً وتأييداً كبيرين لمنتدى "ميبس" وما أنتجه من رسائل سياسية، انطلاقاً من قناعة متنامية بأن وحدة الجهود الكردية هي حاجة قومية ملحّة، وأن إقليم كوردستان يمتلك من الخبرة، ومن الاعتراف الإقليمي والدولي، ما يتيح له لعب دور قيادي في هذه المرحلة. وظهر هذا الدعم من خلال المتابعة الكثيفة لفعاليات المنتدى، والتفاعل الواسع على منصات الإعلام والمجتمع المدني، واعتبار الحدث خطوة في الاتجاه الصحيح نحو إعادة إحياء الوعي القومي المشترك.
إنّ هذا القبول الشعبي ليس مجرد رد فعل عابر، بل هو مؤشر على نضج جديد في الوعي الكردي، واستعداد متزايد لدعم أي مبادرة تتسم بالواقعية السياسية والابتعاد عن الانقسامات التاريخية التي أنهكت الحركة القومية لعقود طويلة. ومن شأن هذا الدعم أن يتحول إلى رافعة استراتيجية لمشروع قومي طويل الأمد، يهدف إلى بناء منظومة تعاون كردية شاملة، تحترم خصوصية كل ساحة، وتضمن في الوقت نفسه الحد الأدنى من التفاهمات والالتزامات المشتركة.
وعلى المستوى الاستراتيجي، يمكن القول إن إقليم كوردستان يتحول اليوم من مجرد كيان سياسي محلي إلى فاعل قومي مؤثر قادر على صياغة المبادرات والقيام بالدور التنسيقي الذي افتقده الكرد طويلاً. وقد أسهم منتدى "ميبس" في دهوك في تعزيز هذا التحول، عبر إظهار قدرة الإقليم على إدارة حوار قومي واسع، واستقطاب الفاعلين الكرد من مختلف المناطق، والتأسيس لخطاب جديد يوازن بين الطموحات القومية والوقائع الإقليمية.
وترى هيئة التحرير أن التحركات الأخيرة، وما رافق منتدى "ميبس" من تفاعل سياسي وشعبي، تمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء البيت الكردي، وترسيخ مبدأ الحوار الداخلي، وتجاوز إرث الخلافات وتناقضات الماضي. وإذا ما استطاع الإقليم الاستمرار في هذا النهج، وصياغة إطار مؤسساتي للحوار والتنسيق القومي، فقد نشهد خلال السنوات القادمة بروز رؤية كردية موحدة، قادرة على التعامل بفاعلية مع التحديات، وعلى تقديم نفسها للمجتمع الدولي كلاعب مسؤول يمتلك مشروعاً واضحاً للسلام والاستقرار.
إنّ المرحلة الراهنة تحمل مؤشرات إيجابية على إمكان ولادة مقاربة كردية جديدة، أكثر عقلانية وصلابة، يتقدم فيها إقليم كوردستان لقيادة الحراك القومي، وتوحيد الجهود، وصياغة المستقبل الكردي في الشرق الأوسط، بما يتناسب مع نضالات الشعب الكردي وتطلعاته العادلة نحو الحرية والكرامة.

