فك أحجية الدبلوماسية التركية، والموقف العربي - الأوروبي الأمريكي حول عودة العلاقات الدبلوماسية .. فأين دبلوماسية الإدارة الذاتية؟!!

آدمن الموقع
0
خريطة يتداولها الاعلام التركي حول الطمح التركي للسيطرة على الشرق الأوسط خلال العقدين القادمين

تحليل إستراتيجي لـ: إبراهيم كابان
خاص/ شبكة الجيوستراتيجي للدراسات

حجم الأحجية التي ربطها النظام التركي خلال السنوات الثمانية الماضية لقضايا عديدة في الشرق الأوسط، لن يكون من السهل التحكم بها، أو فكها دون إعطاء هامش كبير للتفكير بالإستراتيجية التركية التي تسير ضمن هذه المعمعة، فالنظام التركي لا يقدم على هذه الخطوات بطيش أو دون تدبر سياسي أو دراستهم للمناخ العام الدولي وطبيعة الصراعات الغربية الروسية الصينية في الشرق الأوسط، لطالما التغطية الدولية على التحركات التركية لا زالت تكتفي بالتصريحات التي تنطلق من رفض بعض سياساتها وممارستها العنجوهية في مناطق محددة. 
ففي كل مفصل هناك إشكاليات وقنابل موقوتة تم تكريسها من قبل هذا النظام، ولن تكون عملية التخلص منها بتلك السهولة التي يعتقدها البعض، لأن التحكم التركي ببعض القضايا الحساسة وعلاقاتها العميقة مع المجموعات المتطرفة التي تثير الإشكاليات في عدد كبير من الدول والمناطق، وفرت للنظام التركي إمكانية اللعب على تلك الاوراق، وبالتالي تمكنها من عملية الاستمرار بالسياسات التوسعية، دون رادع حقيقي من اللاعبين الدوليين في الشرق الأوسط. ومواجهة تركيا تعني شرارة للكثير من الاحداث المتلاحقة، سواءً على المستوى الداخلي التركي أو المنطقة برمتها. بمعنى لا يمكن الاستهانة بالدور التركي السيء في بعض الأحداث المهمة في الشرق الأوسط. 

إن عملية التصفية الداخلية التي نفذها حزب أردوغان " العدالة والتنمية – الإسلام السياسي " وجماعة باغجلي "الحركة القومية المتطرفة"، بحق المناوئين والمعارضة وضباط الجيش والأمن ورجل الاعمال والاقتصاد الموازي، واي متنفس ديمقراطي، سهل لهم عملية الاستمرار في العبث الذي يتخذونه مسالك لمشاريعهم الخاصة، وبالتالي لا يمكن التعول على الداخل التركي من بوابة الانتظار إليه لإجراء التغيير الشامل، فعملية ازاحة نظام اخطبوتي بهذا الشكل يحتاج إلى جهد خارجي كلي، وتحرك داخلي جزئي، وهو ما لم يتوفر حتى اللحظة، والقوى الغربية الديمقراطية تكتفي حتى الآن بالتصريحات والبيانات الخجولة، مقابل ما يتلقاه هذا النظام من دعم وحوافظ تزيده تشديداً وتماسكاً حتى اللحظة، والعامل الروسي في هذه اللعبة اصبح مكشوفاً، مقابل التحرك الأوروبي، حيث مع كل عقوبة تفرضها أوروبا على بعض جانب النظام التركي، تقابله بدفع المليارات الدولارات له!.

سوف لن تجهل الادارة الأمريكية الجديدة والدول الغربية هذه الظروف الموضوعية، وبالتالي لا يمكن تجاهل الدور التركي، الذي يشكل بيضة القبان في الكثير من الاحداث داخل الشرق الأوسط، ولا يمكن بعد ذلك غض النظر عن الصراع الروسي – الأمريكي على جعل تركيا شرطياً لمصالحها في المنطقة. ومثال التناغم مع الأهداف التركية في سوريا بالنسبة للروس والامريكيين وعقد المناقصات التركية مع كلا الطرفين في تنفيذ احتلال علني على مناطق عفرين وسري كانيه وكري سبي. واللعب على الورقة السنية السورية، حيث الشريحة العظمى من العرب السنة في سوريا اليوم يؤيدون المشاريع التركية، بما فيها مواجهة أي تطور للحياة الديمقراطية في سوريا من البوابة الكردية في شمال وشرق سوريا. 

الدبلوماسية التركية تتنشط في ثلاث جبهات:

1- جبهة الدول العربية (وهناك مباحثات تركية ستجري سراً مع مصر والإمارات، وتركيا ستتخلى عن خلق المشاكل في ليبيا وتسليم الملف لمصر كي تكون هناك مصالح متبادلة بين الطرفين دون التضارب والصراع، إلى جانب وقف الدعم لإرهابي جماعة أخوان المسلمين الذين يشكلون منظومة اعلامية لتشويه سمعة الرئيس والنظام المصري، مقابل ابعاد هذين الدولتين عن اي تعاون او تواصل مع الادارة الذاتية، بالإضافة إلى إرضاء الطرف الإماراتي بدفع النظام القطري إلى التهدئة).
2- الجبهة الأمريكية ( تقديم ملف سري عن أخوان المسلمين في 80 دولة، حيث يتضمن هذا الملف التحكم بفروع هذه الجماعةـ والحزب الديمقراطي الأمريكي مشهور في الأهتمام بشبكة الاخوان حول العالم وفق مقياس الادارة الديمقراطية السابقة).
3- الجبهة الأوروبية (التوقف عن أي تهديد للمصالح الأوروبية في شرق المتوسط، وتهدئة ملف التنقيب عن النفط ومحاولة اعادة العلاقات مع القبرص اليونانية واليونان، وستطلب مقابل ذلك التخفيف من الضغوطات الأوروبية وعدم تقديم اي دعم للادارة الذاتية).

هذه الدبلوماسية التي تتحرك منذ شهور قد نجحت في اقامة تقارب قطري - سعودي، وتتنشط من خلال الدبلوماسيين القطريين والكويتين في اجراء العلاقات مع مصر والإمارات، والتقرب من السعودية لإغلاق ملف الخاشقجي، وتساعد الولايات المتحدة الأمريكية في هذه المسألة بحديث ادارة بايدن حول توجيه أصابع الاتهام إلى النظام السعودي، وبالتالي قد تحتاج القيادة السعودية من ضرب هذه القضية في عملية التقارب مع تركيا، وبالتالي المصالح المشتركة بين تركيا والسعودية وفق النظر التركية تكون كفيلة بتهدئة قضية الخاشقجي . 

تملك تركيا ثلاث ملفات حول هذه الدول: 

- ملف اللاجئين السوريين وأزمة التنقيب عن النفط شرقي المتوسط/ للضغط على أوروبا.
- ملف أخوان المسلمين وليبيا/ للضغط على مصر.
- ملف الخاشقجي وإثارة القلاقل في الخليج العربي من بوابة قطر- للضغط على السعودية والإمارات.
في الواقع كونَّ النظام التركي مجموعة من الأوراق الضغط وتشغيل الدبلوماسية إلى جانب التهديدات العسكرية، قلقاً لهذه الدول، وسوف يحاول النظام التركي تفعيل العلاقات مجدداً مع هذه الدول، لتخفيف وطأة الاشكاليات الداخلية ومنها الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها تركيا، وحجم العلاقات السيئة التي تكونت خلال المرحلة الماضية مع المحيط العربي والأوروبي، ووفق الظروف الموضوعية ستدخل هذه الدول بشكل أو بآخر على خط الهدوء مع تركيا، والسبب في ذلك الاحجية التركية.
وقد استطاع النظام التركي خلال المرحلة الماضية، التفاهم مع الروس في قضية استخدام الوجود العسكري التركي للقضاء على الماجميع المعارضة السورية، وتجميعها في مناطق محددة لإستخدامات تتعلق بالمصالح والأمن القومي التركي، سواءً في حروبها الهلامية ضد قوات سوريا الديمقراطية والكرد في شمال سوريا، أو في الأزمة الليبية والأذربيجانية وغيرها، إلى جانب الدخول مع النظام السوري في مناقصات إستلام وتسليم المناطق، حيث تمت ذلك برعاية الروس والإيرانيين، وشملت تسليم 70% من مناطق سيطرة المجموعات المعارضة إلى النظام السوري مقابل السماح للأتراك بغزو المناطق الكردية، وتم ذلك برعاية روسية في عفرين وبرعاية أمريكية روسية مشتركة في سري كانيه وتل ابيض.

وبناء على هذه الاستنتاجات يمكن طرح الأسئلة التالية:

1- هل ستتعامل أوروبا مع التحركات التركية الجديدة بشكل سلبي أو ايجابي؟
2- الدول العربية التي أعتبرت خصماً شديداً في عملية مواجهة التوسع التركي، هل ستعيد العلاقات مع تركيا على مبدأ المنفعة المتبادلة، أم سيواجهون المشاريع التركية التي ظاهرها قد تكون إعادة العلاقات وفي العمق يبحث النظام التركي عن مخرج له من المعمعة التي وضعها فيه نظام أردوغان وفشل مشاريع الأخوان المسلمين.
3- كيف سيكون رد الفعل الأمريكي، التخلي عن البلطجة التركية في المنطقة أم العودة إلى إستراتيجية ضم تركيا في مواجهة المشارعي الروسية - الصينية؟، لا سيما وإن النظام التركي الإسلاماوي القوموي مستعد أن يفعل أي شيء في سبيل إرضاء الجميع شريطة محاربة الكرد في الشرق الأوسط.
وأخيراً: أين هي دبلوماسية الإدارة الذاتية ومجلس سوريا الديمقراطية في مواجهة كل هذه التحركات التركية ؟
لا بد إن الجواب برسم هذه الدول والإتجاهات.


أقرأ أيضاً للباحث الاستراتيجي إبراهيم مصطفى (كابان)



إرسال تعليق

0تعليقات

إرسال تعليق (0)

#buttons=(Ok, Go it!) #days=(20)

Our website uses cookies to enhance your experience. Check Now
Ok, Go it!